إن خروج السفياني لعنه الله من المحتوم
صرح عدد كبير من الروايات الشريفة بان السفياني وخروجه وحركته هي من قبيل الأمور المحتومة ــ والأمر المحتوم هو الذي لا يمكن إسقاطه ويكون حتمي الوقوع ــ، ويدل على حتميته رواية الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: «إن من الأمور أمورا موقوفة وأمورا محتومة، وإن السفياني من المحتوم الذي لابد منه
وقد جاء التعبير في بعض الروايات بان الإخبار بخروج السفياني هو من قبيل الوعد الإلهي والله سبحانه لا يخلف الميعاد، وفي بعض الروايات جاء التصريح بأنه لا يكون قائم إلا بسفياني فعن الإمام علي بن الحسين صلوات الله وسلامه عليه قال: «إن أمر القائم حتم من الله، وأمر السفياني حتم من الله، ولا يكون قائم إلا بسفياني» (راجع قرب الإسناد للحميري القمي: ص374. بحار الأنوار للمجلسي: ج52، ص182. مسند الإمام الرضا للشيخ عزيز الله عطاردي: ج1، ص217)
في نسب السفياني عليه اللعنة ومحل خروجه وأوصافه
ذكرت الروايات الشريفة أنّ السفياني منحدر من نسل أموي وبالتحديد من أولاد أبي سفيان لعنه الله والد معاوية وجد يزيد لعنهما الله، وقد صرحت الروايات أيضا بأن هندا آكلة الأكباد هي جدته، ويكون خروجه من الشام من ارض سميت في الروايات الشريفة بالوادي اليابس.
أما ملامحه وأوصافه البدنية فهو رجل ربعة أي لا بالطويل ولا بالقصير معتدل الطول ومتوسطه، وفي بعض الروايات وحش الوجه والوحش هو الرديء من كل شيء فيصبح المعنى ان السفياني رديء الشكل قبيح المنظر، ولعل وصفه بوحش الوجه جاء بسبب ان علامات الوحشية والقسوة بادية على وجهه بحيث لا تخفى على من يراه، أو لعل المعنى هو ان من يراه يستوحش منه ولا يستأنس بمشاهدته ولقياه.
ومن أوصافه أيضا انه ضخم الهامة بوجهه اثر جدري والظاهر ان هذا الأثر جاءه نتيجة إصابته بهذا المرض قبل أيام ظهوره المشؤوم، أو لعل تلك الآثار جاءت نتيجة تشوه في الخلقة قبل الولادة أو بعدها، ومن أوصافه أيضا ان في إحدى عينيه خللا بحيث من يشاهده يحسبه اعور العين، وقد روي عن أبي عبد الله الصادق صلوات الله وسلامه عليه انه قال: «قال أبي صلوات الله وسلامه عليه قال أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه: يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس وهو رجل ربعة، وحش الوجه، ضخم الهامة، بوجهه أثر جدري إذا رأيته حسبته أعور، اسمه عثمان وأبوه عنبسة، وهو من ولد أبي سفيان» (راجع كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص651).
وعن عثمان عن عمر بن يزيد قال: قال لي أبو عبد الله الصادق صلوات الله وسلامه عليه: «إنك لو رأيت السفياني لرأيت أخبث الناس» (نفس المصدر السابق).
في تحديد توجهاته الدينية
والسفياني كما هو الظاهر من الروايات شخص ليس بمسلم أو انه مسلم ولكن لديه توجهات صليبية لا تتماشى مع الإسلام وهذا هو المستظهر من قول أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه: «وخروج السفياني براية خضراء وصليب من ذهب» (مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان الحلي: ص199).
وعن بشير بن غالب قال: (يقبل السفياني من بلاد الروم منتصرا في عنقه صليب وهو صاحب القوم) (كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: ص463).
ولو قلنا بإسلام السفياني الملعون فان إسلامه شكلي وهو من الذين لا يعترفون بأحكام الله ولا يؤدون فروضه فعن الإمام الباقر صلوات الله وسلامه عليه قال: «السفياني... لم يعبد الله قط ولم ير مكة ولا المدينة قط» (بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج52، ص254).
خروج الخراساني واليماني في نفس السنة في نفس الشهر في نفس اليوم
والسفياني لا يخرج حتى يخرج معه شخصان هما:
أولا: اليماني
وهو من ارض اليمن وبالتحديد من مدينة صنعاء، فعن عبيد بن زرارة قال: «ذكر عند أبي عبد الله ـــ عليه السلام ـــ السفياني فقال: أنى يخرج ذلك ولما يخرج كاسر عينيه بصنعاء» (راجع كتاب الغيبة للشيخ النعماني: ص286، الباب 14، ما جاء في العلامات التي تكون قبل قيام القائم، الحديث رقم 60).
ثانيا: الخراساني
الذي هو من أرض خراسان في أرض إيران، فعن الإمام الصادق صلوات الله وسلامه عليه قال: «خروج الثلاثة الخراساني والسفياني واليماني في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد وليس فيها راية بأهدى من راية اليماني يهدي إلى الحق» (المصدر السابق: ص446).
وعن الإمام الباقر صلوات الله وسلامه عليه قال: «خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة وفي شهر واحد وفي يوم واحد ونظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضا فيكون البأس من كل وجه...» (بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج52، ص232).
وبناءً على هذه الأحاديث فإن خروج اليماني والخراساني يكون مقترنا بخروج السفياني ومن يدعي كونه اليماني أو الخراساني من أرباب رايات الضلال في وقتنا هذا وفي غيره يكذبهم كون السفياني غير موجود قطعا ولو كانوا محقين في دعواهم للزم عليهم أولا إثبات وجود السفياني وانه حاكم حاليا للكور الخمس وغير ذلك مما أثبتته الروايات سابقا ودون إثبات ذلك خرط القتاد، أو يلزمهم تكذيب هذه الروايات الصحيحة والتي بإنكارها وتكذيبها الكفر الصريح، فإذا لم يفعلوا هذا ولا ذاك لزمنا وجميع الناس تكذيبهم وتسخيف أقوالهم والوقوف بوجه انحرافاتهم حتى لا تأخذهم العزة بالإثم ويتمادوا في غيهم.
توصيات يمكن أن تنجيك من فتنة السفياني
ولصعوبة فتنة السفياني الملعون وشدتها على شيعة أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ومحبيهم صدرت عدة توصيات من قبل الأئمة عليهم السلام يجب على من يريد النجاة من تلك الفتنة أن يتبعها وهي التي جاء ذكرها في رواية الإمام الباقر عليه السلام: «أن الفاسق لو قد خرج لمكثتم شهرا أو شهرين بعد خروجه لم يكن عليكم بأس حتى يقتل خلقا كثيرا دونكم. فقال له بعض أصحابه: فكيف نصنع بالعيال إذا كان ذلك؟ قال: يتغيب الرجل منكم عنه، فإن حنقه وشرهه فإنما هي على شيعتنا وأما النساء فليس عليهن بأس إن شاء الله تعالى. قيل: فإلى أين يخرج الرجال ويهربون منه؟ فقال: من أراد منهم أن يخرج، يخرج إلى المدينة أو إلى مكة أو إلى بعض البلدان، ثم قال: ما تصنعون بالمدينة، وإنما يقصد جيش الفاسق إليها، ولكن عليكم بمكة فإنها مجمعكم، وإنما فتنته حمل امرأة: تسعة أشهر، ولا يجوزها إن شاء الله» (كتاب الغيبة لمحمد بن إبراهيم النعماني: ص311 – 312).
أقول: الظاهر ان مدة الشهر والشهرين التي يكون فيها السفياني مشغولا عن الشيعة كافية لمعرفة أمره وكشف حقيقته وانه هو السفياني الذي جاء ذكره في الروايات الشريفة وعليه يكون الوقت كافيا للخروج من الكوفة أو المدن التي سيدخلها وتغييب الوجه عنه وعن جيشه.
والحمد لله رب لعالمين والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطاهرين.