أمر الله بالمجادلة في كتابه، كطريق من طرق الدعوة، فقال: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم باللتي هي أحسن}.
وقد ورد في كتاب الله تعالى صور متعددة للحوار، وهي تختلف بحسب اختلاف الشخصيات، والموضوعات محل الحوار، وبحسب امتلاك القدرة على التغيير، أو عدمها:
فمثلا في محاورة إبراهيم للنمروذ، لم يضيع إبراهيم الخليل وقته في بيان خطأ الملك في فهمه لقضية الإحياء والإماتة؛ لأنه لا يمكن في مثل هذه الحالة أن يرضى الملك بهذا مهما ذهبت تشرح له المراد، فانطلق إلى فكرة أخرى، ودليل أوضح، لا يمكنه أن يدعي فيه أنه يمكن أن يفعل، ولو بطريقة خطأ.
وكذا محاورة موسى لفرعون، هي بنفس الدرجة، فموسى ليس لديه القوة الظاهرة، فهو أمام شخص يملك القوة، وهذا في الظاهر، فكان المنهج يقتضي إبراز الحجج العقلية المنطقية؛ لعل المستمع يكون في قلبه رغبة فيهتدي، وكان موسى عليه السلام يتجاوز كلمات فرعون المستفزة، والتي تتجاوز الحوار في الموضوع إلى الطعن في شخصية المتكلم، وكان موسى لا يتلفت لمثل هذا، ولا يقابله بمثل أسلوبه، إلا في موطن واحد حين قال فرعون: إني لأظنك ياموسى مسحورًا، فقال له موسى: وإني لأظنك يا فرعون مثبورًأ
وفي حالة أخرى حين يكون المجادل نظيرًا لك؛ فإنك تبين له القواسم المشتركة التي ينطلق منها إلى محل الخلاف، وتظهر له كيف أنك ترغب في الوصول إلى الحق، وهكذا يجب أن تكون رغبتك أنت؛ وهذا في مثل محاورة صاحب الجنتين لصاحبه، ومحاورة المسلم لأهل الكتاب: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي...}، ومثله في مجادلة قريش للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، حيث يقول الله تعالى: {حتى إذا جاؤك يجادلونك يقول الذين كفروا..}، وقال عنهم: {بل هم قوم خصمون}، فلم يكن مقصودهم بالجدال الوصول إلى الحق، ومع ذلك كان عليه الصلاة والسلام يتطلف معهم، ويجاهدهم بالقرآن جهادًا كبير، وقد أبان الله لرسوله على طرق وأساليب الحوار معهم، وكيفية إيضاح الحقيقة، وبيان الحق، بقطع النظر عن الاستفادة؛ {فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر}.
فإذا أردت أن تطون مهارتك في الحوار، فأكثر من قراءة القرآن بتدبر، وتأمل في صور المحاورة الموجودة فيه، وهي كثيرة جدا
ويمكن الاطلاع على هذا الرابط لمزيد فائدة:
http://www.alukah.net/sharia/0/105244/